الأحد، ٧ أكتوبر ٢٠٠٧

اجرى الحوار الكاتب والصحفى مصطفى عبد الله

آخر كلمات الأديب الكبير محمود البدوى
أشعــــــــــر بالمــــــــرارة
!

أجرى الحوار الصحفى والكاتب : مصطفى عبد الله
عنـــوان الدوريـــة : صحيفة الأخبار
تاريخ النشــــــر : 19 فبراير 1986


رحل رائد القصة الكبير محمود البدوى وهو يشعر بالمرارة لأنه يكتب منذ خمسين سنة وعمره ناهز السبعين ولم تتحرك الحياة النقدية لدراسة وتقييم قصصه بشكل مناسب ..!!
وفى آخر حديث دار بينه وبينى ويرى النور لأول مرة بعد رحيله قال الأستاذ محمود البدوى :
ـ رغم تجاهل النقاد لكتبى لاتوجد نسخة واحدة منها فى السوق ، ويكفينى حب القراء لى ، وقد تعلمت من الزيات الصبر والإخلاص فى العمل وإتقانه .. وأكبر دليل على هذا أننى استطعت أن أستمر أكتب لنصف قرن رغم أن أحدا من النقاد لم يتناول كتبى فيما عدا الدكتور النساج وعلاء الدين وحيد .. وبعض المحبين من الصحفيين ، وأخيرا قدمنى الدكتور نبيل راغب عندما عرضت قصتى " القرية الآمنة " فى التليفزيون بشكل أنسانى كل الجحود القديم الذى شعرت به على مدى السنوات ، وقد قرأ الدكتور نبيل راغب كتبى وفهم روحى وفنى فى الكتابة بشكل رائع ..
* وعندما سألت المرحوم محمود البدوى عن الأدباء الذين أثروا فيه .. قال :
ـ أنا لم أتأثر بكاتب مصرى رغم أنه سبقنى محمود تيمور ، وأحمد خيرى سعيد اللذان كانا يكتبان القصة قبلى وأيضا يحيى حقى .. فقد اتخذت منذ البداية خطى ومنهجى وشكلى فى الكتابة من أدباء الغرب الذين قرأت وترجمت لهم وعلى رأسهم جميعا تشيكوف ..
ويواصل محمود البدوى حديثه :
الأديب الحق يشعر أن فى أعماقه رسالة يجب عليه أن يؤديها بأى شكل من الأشكال ، ولقد عاصرت الأدب الزاهر الذى كانت تسوده روح التضحية خصوصا عند مصطفى صادق الرافعى ، المازنى ، العقاد ، أحمد أمين ، الزيات .. وقد تعجب إذا عرفت أن " لجنة التأليف والترجمة والنشر " كانت تقيم فى حارة الهدارة بعابدين وكان أعضاؤها يصدرون مجلة " الثقافة " ولم يأت لواحد منهم أى نفع مادى ..
وقد كان الشيخ عبد الرحمن البرقوقى يصدر وحده مجلة أدبية يكتب فيها العقاد والمازنى ومعظم الكبار فى ذلك الوقت .. وتطورت الحياة الأدبية عندنا وأصبح كل شىء سهلا ، وأخذ الأدباء الشبان ينشدون الشهرة بسرعة بدون أن يبذلوا أى جهد ، صحيح أن عملية النشر الآن صعبة ومغلقة فى وجوههم وتجعلهم يتألمون ، ولكن ألاحظ أنه لاتوجد عندهم خميرة الصبر التى كانت موجودة عند جيلنا ..
* ما هى مواصفات القصة الجيدة فى نظر رائد القصة ..؟
ـ القصة يجب أن يكون فيها روح ، ويجب أن تكون لحظة التنوير فيها واضحة ، ويجب أن تتمتع القصة بخاصية التركيز ، وأن يبتعد كاتبها عن الاستطراد أو الإسهاب وكثرة الوصف ، ويجب ألا أقرأ القصة الجديدة فلا أكاد أميز بينها وبين المقالة ..
والقصة القصيرة الناضجة هى التى تجذبك من سطورها الثلاثة الأولى ، وهى التى تعيد قراءتها مرة ومرات من غير ملل ، فنحن الآن نقرأ تشيكوف للمرة الألف ولا نكاد نمل منه ..
والمبادئ والمواصفات التى يدعو إليها أساتذة الأدب فى الجامعات يجب ألا تسيطر على ذهن الفنان وهو يكتب ، فأنا أكتب القصة بعفوية وأكتب بواقعية ..
وهناك أستاذ جامعى وضع للقصة القصيرة 18 قاعدة ولكنه للأسف الشديد لم يكتب قصة قصيرة واحدة ناجحة لأن القاعدة كانت فى رأسه وهو يكتب ..
* من هو الناقد المثالى فى نظر استاذنا محمود البدوى ..؟
ـ الذى يتمتع بروح المحبة للعمل الذى يتصدى له ، والذى يبتعد عن أهوائه الشخصية وروح المجاملة والشللية التى قضت على الأدب الحقيقى على مدى 20 سنة وشوهته فى نظر القراء ..
* أستاذ محمود ، هل تقربنا من عالمك الابداعى ..؟
ـ أنا أكتب دائما فى الصباح ، وأحب أن أكتب فى مكان ملىء بالحركة من حولى ، ولا أكاد أحس بما حولى من صخب فى المقهى الذى أجلس لأكتب فيه ، كلعب الطاولة أو الأصوات المرتفعة ، فكلها تنفصل عنى فى لحظة الابداع ، ولقد كتبت معظم أعمالى فى مقهى سفنكس الذى كان موجودا أمام سينما راديو ..
* وماذا تفعل عندما تريد أن تكتب وأنت مسافر ..؟
ـ فى السفر أكتب بذور القصة وهيكلها حتى لا تضيع منى ، وعندما أعود لمصر أسترجع ذلك من خلال ذاكرتى الفوتوغرافية التى أستطيع أن أقول أنها ليست حافظة ، وأبدأ عند الكتابة فى استرجاع الأماكن وكأنها أمامى ..
ودائما أكتب على ورقة طويلة بيضاء وغير مسطرة ، وأكتب بالرصاص لأنى كثير التنقيح .. وان كان التغيير والتنقيح يكون دائما فى البيت ..
* ما هو أحدث كتبك ..؟
ـ مجموعة قصص أعطيتها للناشر منذ أكثر من عامين ، وتضم 14 قصة وهى فى تصورى من أحسن ما كتبت ، وقد أعطيتها اسم " المأخوذ " .. أما آخر كتاب صدر لى فكان بعنوان " السكاكين " ..




ليست هناك تعليقات: